مقالات

النقل البحري و متغيرات العصر (٨)

بقلم دكتور مهندس – عبد الرزاق المدني:

إستكمالاً لما بدأناه ومن منطلق الحرص على نشر الثقافة البحريه من خلال مقال أسبوعي يساعد القاريء على اكتساب تقافة بحرية تتعلق بالنقل البحري لما له من أهمية كبرى وخاصة بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي حباها الله بمجموعة من الموانئ المتميزة على ساحل البحر الأحمر وساحل الخليج العربي

القنوات الملاحية:

في العصور القديمة كانت معظم البحار مغلقة ولكي تبحر السفن تقطع مسافات طويلة للوصول إلى الدول الأخرى بالإلتفاف حول اليابسة فمثلاً القادم من الشرق ليذهب لأوروبا لا بد أن يذهب عن طريق الرجاء الصالح ففكر الإنسان كيف يصل هذه البحور والمحيطات ببعض ويختصر المسافات الملاحية بينها وعمل قنوات إصطناعية بينها حيث يمكن التنقل بيسر وسهولة وبوقت أقل بكثير ومن هذه القنوات قناة بنما وقناة السويس وقناة الكيل
ونجد أن هناك شبه كبير بين القناة والمضيق ( سنتكلم عنها في حلقة مستقلة) حيث أن كل منهما يصل بين مسطحين مائيين،‪ ‬ويمكن‪ ‬إعتبار القنوات مضايق إصطناعية وهناك نوعان من القنوات الملاحية النوع الأول يكون عند مستوى واحد لبحر ين مثل قناة السويس بمصر والثانية لمستوى سطح بحرين في الأرتفاع مثل قناة بنما في أمريكا والكيل في ألمانيا، حيث عند مرور السفن تدخل في أحواض مغلقة ( أهوسة ) وتضاف لها المياة أو تفريغ منها المياه إلى أن تصل لمستوى البحر الآخر فتفتح الأهوسه لتكمل رحلتها والعكس

وتُعتبر قناة السويس من أهم القنوات الملاحية وأقدمها في‪ ‬العالم حيث انها تربط  بين‪ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر التي تم حفرها عا‬م ١٨٦٩م وبدأت الملاحة فيها في عام ١٨٨١ م وكان طول القناة 164 كم وعمقها 8 م. وبعد العديد من التوسعات، وصل طولها إلى حوالي ١٩٣كم، وعمقها إلى 24 م وعرضها ٣٠٠-٣٥٠م .

وقد بدأت فكرة إنشاء القناة عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، ففكر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، وفي عام 1854 استطاع دي لسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالي، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة دي لسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عام. استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 – 1869)،

أما قناة بنما فإنها تمر‪ ‬في دولة بنما، وتشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية، وتم‪ ‬إفتتاحها‪ ‬سنة 1914 وهي تربط بين المحيط الأطلسي من الشرق والمحيط الهادي من الغرب،‪ ‬و‪حفرت ‬هذه القناة لتفادى الدوران عن طريق رأس هورن ـ الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية ـ ولتجنب الملاحة الخطرة، حيث إختصرت المسافة حوالي 8,370 كم. وأدى ذلك تضاعفت حركة السفن السنوية عشرات الأضعاف، وكذلك تقليل النفقات. وتُعد الملاحة في قناة‪ ‬بنما‪ ‬أكثر صعوبة عن نظيرتها قناة السويس لأنها تعتمد كما ذكرنا على صهاريج ضخمة (الأهوسة)، مما يزيد من ‪ ‬تكلفة تشغيلها وصيانتها وبالتالي رسوم المرور فيها عالية .

وتعتبر قناة كييل التي تقع في أقصى جنوب شبه جزيرة الدانمارك، ‪حيث ‬ شق الألمان هذه القناة ‪و‬هي قناة يبلغ طولها 98 كم تربط بين بحر الشمال وبحر البلطيق تسمح القناة باختصار مسافة 519 كم وتم فتح القناة للملاحة الدولية عام ١٩٣٦م
وهذه القناة مثل فناة بنما تعتمد على صهاريج ضخمة (الأهوسة) حيث تفلكتها التشغيله وصيانتها علية مما يرفع رسوم المرور فيها .

ويمكن الإضافة بأن هناك قناة روسية، تربط بين البحر الأبيض الروسي وبحر‪ ‬البلطيق،‪ ‬وهي قناة داخلية لإستخدام روسيا فقط وليست مفتوحة أمام الملاحة الدولية.‪ ‬كما أن هناك أفكار عديدة لإنشاء قنوات أخرى مثل قناة برزخ كرا على الحدود بين الملايو وتايلاند، وأخرى في‪ ‬نيكاراجوا‪ ‬بأمريكا الوسطى لمساعدة قناة بنما.

يتبع …..٩

النقل البحري و متغيرات العصر 7

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى