عام

اتحاد الغرف الخليجي يؤكد على أن الجائحة عملت كمحفز للتغيير في الكثير من الشركات الخليجية

الخبر-سويفت نيوز:

بات من الواضح إن جائحة كورونا سوف يكون لها تداعياتها الكثيرة والواسعة على القطاع الخاص الخليجي، ومن ضمن ذلك بيئة العمل المستقبلية سواء في جوانبها التشغيلية، أو ثقافة وبيئة العمل، أو نماذج الأعمال، وطبيعية التحديات التي سوف تواجهها الإدارات التنفيذية، كذلك طبيعة الأنشطة والقطاعات التي سيكون لها الأولوية وثقافة الاستهلاك وبرامج الاستدامة والمسئولية الاجتماعية وغيرها العديد.
وبهدف التعرف على هذه التداعيات وطبيعتها في كافة هذه الجوانب على القطاع الخاص الخليجي، بادرت الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي لإعداد تقرير حول تداعيات جائحة كورونا على أعمال القطاع الخاص وذلك ضمن جهودها ومبادراتها الرامية إلى توفير البحوث الميدانية والعلمية التي توفر الدعم للقطاع الخاص الخليجي في هذه المرحلة، والخروج بالتوصيات التي تساعده في توصيل وجهات نظره، حول طبيعة هذه التداعيات وتأثيراتها عليه ورؤيته للتوصيات الضرورية التي توفر الدعم له، ليس فقط لتجاوز هذه التداعيات، بل لتعزيز موقعه في الريادة والابتكار وللارتقاء لمستوى مسئولياته ومهامه الجسيمة الملقاة على عاتقة فيما بعد مرحلة الجائحة، ولكي يواصل مساهماته ومبادراته الرئيسية وفقاً للرؤى الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي، ولكن في إطار السياقات والأولويات التي فرضتها الجائحة. وقد استندت الدراسة على المسوحات والدراسات التي أجرتها الغرف التجارية الأعضاء في الاتحاد، علاوة على المسوحات الوطنية والدراسات الصادرة عن مكاتب استشارية عالمية.
وقد بدأ التقرير باستعراض التطورات الاقتصادية العالمية والخليجية المستقبلية التي من المتوقع أن تأثر على أعمال القطاع الخاص، ومنها اتجاهات النمو الاقتصادي العالمي والخليجي، وأسعار النفط والفائدة والعملات والتجارة الدولية والتدفقات الاستثمارية والإيرادات النفطية والدين العام ومشاريع التنمية والتكامل الاقتصادي الخليجي.
وفيما يخص الآثار المستقبلية المتوقعة للجائحة على أعمال القطاع الخاص الخليجي، يرى التقرير إن هذه الآثار خاضعة لسيناريوهات التعافي من الجائحة وكم سوف يستغرق من الوقت ، كذلك حزم الدعم الحكومية وإلى متى سوف تستمر وكيف تصمم وإلى أين سوف ستوجه وأيضاً، فأن التأثيرات سوف تتفاوت بين نشاط وآخر، لأن بعض أنشطة القطاع الخاص تضررت بشدة، بينما البعض الآخر تضرر بدرجة متوسطة، والبعض الآخر استفاد من الجائحة.
وقد رصد التقرير سبع جوانب رئيسية من جوانب أعمال القطاع الخاص سوف تتأثر بجائحة كورونا.
الجانب الأول هو العمليات التشغيلية للقطاع الخاص، وأبرز التغييرات في هذا الجانب هو التحول المتسارع نحو تبني التكنولوجيا في معظم جوانب الأعمال سواء في العمليات الداخلية والإنتاج أو التسويق وخدمة العملاء وغيرها. ويرى مسح اج أس بي سي إن 50% من المنشآت البالغ عددها 2600 منشأة التي شملها البحث استطاعت تحقيق مرونة أكثر عند استخدام التكنولوجيا في أعمالها، و50% منها أيضاً استطاعت زيادة الانتاجية، كما أن 47% استطاع من خلال استخدام التكنولوجيا رفع مهارات القوى العاملة والعمل عن بعد، في ضـوء ذلـك، فـإن الشـركات التـي سـتكون أكــثر قــدرة علــى الاســتعداد بشــكل جيــد للجائحــة التاليــة، هــي التــي ســتنجح في توظيــف التطــور التكنولوجــي عـلـى نحــو يعظم مكاسـبها، وذلـك من خلال محاولة توقـع المسـتقبل، عـبر إجـراء محاكاة بشـأن التأثـر المحتمـل للتطـور التكنولوجـي عـلى احتياجــات العملاء، واتجاهــات الطلــب على المنتجـات، وكيفيـة تلبيـة هـذا الطلب. من الجوانب التشغيلية الأخرى هو قيام الشركات الخليجية بتبني نماذج أعمال أكثر مرونة، وأكثر قدرة على التعامل مع الصدمات المفاجئة سواءً في تدريب الموظفين على مهارات معينة أو فتح قنوات تسويق بديلة أو وضع خطوط إنتاج جديدة وإلى أخره.
إن جائحة Covid-19 عملت كمحفز للتغيير في الكثير من الشركات الخليجية وتغير طريقة عملها، حيث حفزتها على امتلاك روح ريادية قوية من خلال كيفية تكيفهم مع طرق العمل الجديدة وكيفية تسريع خطط التحول.
الجانب الأخر من العمليات التشغيلية هو التأثيرات المتوقعة على سلاسل التوريد ، وفي هذا الصدد اضطرت الكثير من الشركات الخليجية لمراجعة وإعادة النظر في سلاسل التوريد التي تتبعها وبالتالي، فأن الأزمة سوف تؤدي إلى إعادة رسم خارطة سلاسل التوريد لدى كافة الشركات في العالم بما فيه الشركات في دول الخليج، بحيث تكون أكثر مرونة وقائمة على المحاكاة التكنولوجية وأكثر صديقة للبيئة ومستدامة.
وجانب أخر من الجوانب التشغيلية هو تضخـم الالتزامـات القانونيـة للشركات الخليجية، حيث أدت الأزمة إلى تزايـد الضغـوط المطالبـة بحمايـة حقـوق العمال، كذلك تلك المتصلة بالتخلف عن السداد وتأخر الشحنات وغيرها، كما رصد التقرير قيام العديد من الشركات الخليجية بتشكيل خلية أزمة لإدارة أعمالها وتفعيل خطط الطوارئ واستمرارية الأعمال بهدف الاسـتجابة السريعـة والمنسـقة لتطورات الأزمة.
الجانب الثاني من التأثيرات المستقبلية لجائحة كورونا على أعمال الشركات الخليجية هي تأثيراتها على بيئة وثقافة وتشريعات العمل، فقد فتحت سياسة التباعد الاجتماعي التوقعات عن مستقبل بيئة العمل، عقب انتهاء هذه الجائحة، حيث أثبتت التجربة أن العديد من الأعمال والاجتماعات يمكن القيام بها عن بعد، مما يقلل من التكاليف ويرفع من الإنتاجية ووفقاً للمسح الذي أجراه بنك اج أس بي سي، فأن 37% من المنشآت التي شملها المسح ويبلغ عددها 2600 شركة يرون بأن العمل عن بعد سوف يستمر مستقبلاً، أو على الأقل للعامين المقبلين. كما سوف تبرز الجائحة نمط جديد من الوظائف، وسوف ترفع الطلب على أنواع معينة من الوظائف أيضاً مثل وظائف الخدمات اللوجستية والهندسة الصناعية والأمن السيبراني وغيرها.
والجانب الثالث من التأثيرات المستقبلية هو التبدلات التي سوف تشهدها نماذج أعمال الشركات الخليجية، بسبب التراجـع في قطاعــات اقتصاديــة كبـرى، خاصــة قطاعــات السـياحة والسـفر والترفيـه في الدول الخليجية، مـن بيـن أمـور أخـرى، وهـو مـا ارتبـط بانتقال رأس المــال والعمالــة إلى مجــالات وأنشــطة اقتصاديــة جديــدة. وقد اضطر ذلك الشركات الخليجية لتغيير نماذج عملهم من أجل مواكبة الاحتياجات الناشئة عن كوفيد-19، من خلال تطوير منتجات جديدة وخطوط إنتاج جديدة أو التجارة الكترونية أو إضافة أنشطة جديدة أو ادخال شركاء جدد أو الاندماج أو الاقتصاد بالمشاركة.
لكن الأهم من ذلك، كما يتضح من المسوحات التي أجرتها الغرف الخليجية إن الأزمة لم تؤدي إلى تغيير نماذج الأعمال فحسب، بل أيضاً ثقافة ممارسة الأعمال، حيث باتت الشركات تعمل جاهدة على أن تتحول الشركات لأكثر رشاقة واستجابة للمتغيرات سواء المتوقعة أو غير المتوقعة. لذلك، فأن عليها إعادة تقييم رؤيتها ورسالتها وقيمها واستراتيجيات أعمالها، كما أن عليها تكوين ثقافة جديدة لممارسة الأعمال بين موظفيها ترتكز على الابداع والابتكار.
والجانب الرابع الذي رصده التقرير هو التأثيرات المستقبلية على مستقبل انشطة القطاع الخاص وكما يقول تقرير لمجلس الغرف السعودية، فقد فرضت الجائحة نمطاً جديداً من التفكير في الاستثمارات المستقبلية وأشكال الأسواق التي ستتغير تأثراً بالأزمة، فهناك تغيرات في الاستثمارات والأنشطة والقطاعات سوف تُظهر انعكاساً لتغير التوجهات السياسية والاقتصادية. وأهمية معرفة هذه القطاعات تكمن في التوجه الاستثماري المحتمل للشركات الخليجية حال انتهاء الأزمة ، كما أبرزت الجائحة الدور الرائد لرواد الأعمال في ابتكار أنماط وطرق جديدة في نماذج الأعمال تقوم على استخدام التقنيات الحديثة، وخاصة في قطاعات خدمية مهمة مثل تقديم الأطعمة والمواد الغذائية وخدمات النقل والصيانة والتوصيل وعربات الأطعمة وغيرها الكثير.
والجانب الخامس هو تأثيرات الجائحة على الإدارات التنفيذية لشركات قطاعات الأعمال الخليجية وقد برزت في الأفق توجهات لتغيير قيادات بعض المؤسسات في أسواق العالم بما فيها أسواق الخليج نظراً لتبعات الركود الذي خلفته جائحة كورونا. ومن المرجح أن يزيد التدقيق على جودة الإدارة وكفاءة القياديين، ومن لم يستطع بينهم تقديم إضافة ملموسة في انقاذ مؤسسته، فقد يواجهون مصير استبدالهم بقياديين آخرين أكثر قدرة على إدارة الأزمات.
والجانب السادس هو التأثيرات المستقبلية على ثقافة وأنماط الاستهلاك في الأسواق الخليجية، فمن المتوقع أن يتأثر حجم وهيكل الطلب في السوق انعكاساً لتغير أذواق وعادات المستهلكين، وهو ما سيؤدي إلى تأثر الكثير من الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية بسبب ما ستخلفه جائحة كوفيد 19 من تأثيرات لذلك، فأن أحد التحديات على المدى المتوسط هو تحليل وتقييم التغيرات الاجتماعية في سلوك وثقافة المستهلك وأفضلياته وتطور أنماط الطلب لديه بهدف إعادة بناء العلاقات معه.
والجانب السابع والأخير هو التأثيرات على برامج الاستدامة والمسئولية الاجتماعية فلقد بادرت الكثير من الشركات الخليجية إلى تحمـل مسـؤولياتها أمام المجتمـع، حيث باتت هذه الشركات تعي أن هنـاك علاقـة قويـة بـن الأنشـطة الخيريـة وتطبيقات الاستدامة التـي تقـوم بهـا الشـركات وتمارسها مـن ناحيـة، والأداء المـالي المسـتقبلي، وتحسـن العلاقـات مـع السـلطات الحكوميـة، وتعزيـز سـمعتها في السـوق مـن ناحيـة أخـرى.
وأخيرا يخلص التقرير إلى وضع التوصيات، حيث تؤكد أن التغييرات التي سوف تحدثها الجائحة وكما استعرضها التقدير سوف تكون واسعة وشاملة وتشمل الكثير من القطاعات والأنشطة، وواضح إن القطاع الخاص لن يتمكن لوحده من التكيف مع كافة هذه المتغيرات والتحولات، مالم يكن هناك دعم شامل تقدمه الحكومات له في العديد من المجالات التشريعية واللوجستية والمالية والبشرية وغيرها ، وهذه القضية الهامة يجب أن لا توضع في إطار محدود يتعلق بدعم القطاع الخاص في مرحلة التعافي من الأزمة، بل يجب وضعه في إطار الحاجة الاستراتيجية المتنامية لدور القطاع الخاص في برامج واستراتيجيات ورؤى التنمية الاقتصادية الطويلة الأجل التي تنفذها دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد تم تقسيم التوصيات قسمين ، القسم الأول تتعلق بدعم القطاع الخاص في مرحلة مقاومة تداعيات كورونا والتعافي منها والقسم الثاني من الخطوات والمبادرات تتعلق بدعم القطاع الخاص للتقدم نحو الريادة والمبادرة في تنفيذ رؤى وبرامج التنمية المستدامة.
ففيما يخص القسم الأول تم التأكيد على إيجاد آلية منسقة بين القطاعين العام والخاص على مستوى الاتحاد والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكذلك على مستوى الغرف الأعضاء في الاتحاد والأجهزة الرسمية المعنية في بلدانها بهدف العمل سوية وبصورة مشتركة على العمل على مراجعة كافة الإجراءات والخطوات المتخذة لدعم منشآت القطاع الخاص والتقدم بالتوصيات اللازمة للعمل على تحديثها وتطويرها وفقاً لمراحل انتشار الفايروس وتداعياته. كذلك ضرورة الاستمرار في سياسة الدعم الاقتصادي للقطاع الخاص لسنتين على الأقل بعد إعلان السيطرة الكاملة على الوباء عبر تقديم حزم اقتصادية ومالية لتمكين القطاع الخاص من التعافي ودعم العمالة الوطنية لديه، مع التأكد من وصول وتوزيع هذه الحزم بشكل يضمن استفادة القطاع الخاص منها بأسرع وقت ممكن.
وأن تعمل دول المجلس على وضع بروتكولات منسقة للتعامل مع حالات الطوارئ والأزمات، بحيث تشمل التعامل بشكل منسق مع القطاع الخاص والعمالة وذلك بهدف تحقيق الانسجام بصورة أكبر في التخفيف عن تداعيات هذه الأزمات. كذلك تطوير وتسهيل الأنظمة والتشريعات الخاصة بتكييف أنشطة ونماذج عمل القطاع الخاص المتعلقة بالتحول بين أنواع الشركات المؤسسة، وهياكلها الإدارية وإدخال أنشطة جديدة. ومواصلة تسريع وتطوير البنية التحية والتشريعية والتقنية للتحول نحو الرقمية والتكنولوجية في تقديم الخدمات الحكومية والمصرفية، وخدمات القطاع الخاص وتشجيع مبادرات رواد الأعمال في هذا المجال.
أما القسم الثاني فقد تضمن توصيات تتعلق بآليات التنسيق بين الحكومات والقطاع الخاص، حيث بات من الاهمية بمكان اعطاء فرصة للقطاع الخاص الخليجي لمد جسور الاتصال مع الجهات الحكومية المحلية والاقليمية وفق أطر مؤسسية ثابتة وواضحة يتم من خلالها إيصال وجهات نظر هذا القطاع ومرئياته حول ما يصاغ من توجهات وسياسات اقتصادية على المستوى الكلي والقطاعي بشكل مستمر ودائم ومنهجي.
كما تتضمن توصيات تتعلق بتعزيز دور القطاع الخاص في برامج التنمية والرؤى الاقتصادية، من خلال زيادة الاستثمار في الرأسمال البشري الوطني وتصحيح الاختلالات في أسواق العمل ووضع برامج عملية داعمة تشجع القطاع الخاص على التحول الرقمي بكافة أبعاده في الأنظمة والتعاملات وتدريب الموظفين على برامج العمل عن بعد، وتفعيل دور القطاع الخاص في الأمن الغذائي، وتأسيس صناديق الاستثمار الجريئة لتمويل المشاريع الجديدة والمساهمة في تطوير وتنمية المشاريع القائمة وفق التوجهات الجديدة للاستثمار ما بعد أزمة كوفيد-19. علاوة على إطلاق قطاعات جديدة كي تصبح دعائم جديدة للاقتصاد وتفعيل برامج التخصيص.
كما تضمن هذا القسم توصيات تتعلق بتفعيل دور القطاع الخاص في مشاريع التكامل الاقتصادي الخليجي، حيث جاءت قرارات قمة العلا الخليجية الأخيرة في الجانب الاقتصادي لتؤكد بشكل كبير على تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين في الانتقال إلى مرحلة التكامل الاقتصادي، كما أكدت القرارات على ضرورة استكمال مشاريع التكامل الاقتصادي، ولا سيما الاتحاد الجمركي الخليجي والسوق الخليجية المشتركة ، وللقطاع الخاص دور كبير وريادي في تنفيذ هذه المشاريع لذلك من الضروري استكمال تنفيذ متطلبات هذه المشاريع خلال المرحلة المقبلة لكي يتم أيضا تفعيل دور القطاع الخاص في تجسيدها وإطلاقها وجني ثمارها وقد رصد التقرير في هذا الجانب العديد من التوصيات الهامة لتحقيق هذا الهدف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى