مقالات

رمضان .. والعبد الربانى

فاطمة عمارة *
آتى رمضان .. شهر الخيرات الذى يتنافس فيه الجميع على الطاعات ونحرص فيه على ادائها على الوجه الاكمل ، نسعى للتوبة ونندم على التقصير السابق بل ونعزم على الاستمرار فى هذا العمل وينتهى رمضان ونرجع كسابق عهدنا من تقصير ولن اقول هنا اخطاء فابن آدم خطأ وخير الخطائين التوابين .. فكيف نجعل رمضاننا هذا خطوة فى تغير حقيقى فينا فنصبح عباد ربانين لا عباد رمضانين فقط؟ ومن هو العبد الربانى؟هو عبد عرف ربه، وعرف ان ربه يحبه، فأحبه واقبل عليه، وعلم انه كلما تخلق بصفاته على قدره البشرى كلما زاد قدره عند ربه ، فاصبح يعامل ربه فى خلقه فكان جديراً ان يكون خليفة لله فى الارض مصداقاً لقوله تعالى “إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً “.
وهذا العبد ليس قاصراً على احد من الخلق فمن يقرأ القرآن يجد ان هناك امراً مباشراً لنا بهذا ” كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ” ..
ويعرف الرازى الربانيين : ” أن يكون الداعى له إلى جميع الأفعال طلب مرضاة الله ، والصارف له عن كل الأفعال الهرب عن عقاب الله” ،أما الفقيهة محمد الطاهر بن عاشور فى تفسيره التحرير والتنوير يشرح قائلا ” كونوا منسوبين للرب، وهو الله تعالى، لأن النسب إلى الشيء إنما يكون لمزيد اختصاص المنسوب بالمنسوب إليه.ومعنى أن يكونوا مخلصين لله دون غيره ”
ورمضان أفضل أيام السنة لبدء الطريق لنصبح عباد ربانين حقاً ..فالوصول إليه ليس صعباً ولكن يتطلب تنقيه للنفس والقلب .. ان ننزع من قلوبنا كل ما يشغلها غير حب الله فلا يخالط حبه فى قلوبنا شئ من امور الدنيا ولا يخالطة حب انسان فكل شئ دونه سبحانه وتعالى فان.
فنقاء القلب وسلامة سبب من سعادة الدنيا والاخرة وحثنا على هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” آلا إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” وتبدأ تصفيه القلوب تبدأ بالعفو والمسامحة والصبر على المصائب والابتلاءات ويتوجها الرضا بما قسم الله علينا من ارزاق.
ومن الأعمال التى تعين على نقاء القلب اخلاص العمل وجعله خالى من الرياء والنفاق فتصبح اعمالنا كلها خالصة لوجه الله الكريم لا نسعى منها بشهرة أو”صيت” أو غنى ،الصدقات تطهر القلب وتزكى النفس لقوله تعالى ” خُذ مِن أموالِهم صَدَقَةً تُطَهِرُهُم وَتُزَكِيِهِم بِهَا ” ، حسن الظن بالغير وحمل الكلمات والمواقف على أحسن معانيها ،إفشاء السلامة، ودوام الابتسام فى وجوه من نقابله خير معين لقلوبنا وصفائها ،الانشغال بامورنا دون غيرنا، ولا نتتبع أحوال الناس وعيوبهم، حب الخير للغير ،وبالطبع خير نقاء للقلب قراءة القرآن اليسير منه يومياً حتى يصبح من عادتنا اليومية؛ فيمحى اى أثر سئ فى قلوبنا فنحافظ على نقائها ..
كل هذا يوصلنا الى الرضا بالقضاء؛ وعندما نرضى نجد قلوبنا تزداد محبه لله حتى تطغى على اى حب آخر.
رمضان رحلتنا لنكون عبادا ربانين، نتمتع بالحب الالهى، ننقى قلوبنا وندعو الله ان يتقبل توبتنا الصادقة ويقبلنا فى عباده الربانيبن.

  • نقلا عن” الأهرام اليومي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى