مقالات

الحقوق الصحية لذوي الهمم

 

بقلم – د. فيصل الناصر:

رئيس أتحاد طب الأسرة البحريني

يعرف ذوي العزم او ذوي الإعاقة بأولئك الذين يعانون من إعاقات جسدية أو عقلية أو ذهنية أو حسية طويلة الأمد والتي قد تعوق مشاركتهم الكاملة والفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.

ان ذوى العزم جزء من المجتمع ولهم دور فعال يساهم في تطوير المجتمعات فهم شركاء في التنمية المستدامة للبلاد.

فذوي العزم هم الأشخاص الذين يتحلون بالإرادة القوية والإصرار على تحقيق أهدافهم ويسعون دائماً للتغلب على الصعاب والعقبات التي تواجههم, وبالتالي علينا تمكينهم في المجتمع و تحسين ظروف حياتهم و توفير الرعاية والتأهيل وخلق فرص العمل وتهيئة جميع الوسائل المساندة التي تقلل من عوامل الاعاقة لديهم وتشجعهم علي مواصلة العمل الدؤوب منخرطين في المجتمع دون الاكتراث بإعاقاتهم وبالتالي ومعهم نتمكن من النهوض والرقي بالوطن.

لذلك  تعتبر الحقوق الصحية لذوي العزم من الحقوق الأساسية التي تجب على المجتمعات والحكومات والمؤسسات الصحية الاهتمام الخاص بها وتوفيرها لهم. ولا بد ان يتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بنفس الحقوق الأساسية مثل أي شخص آخر ، بما في ذلك الحق في تلقي الرعاية الطبية واتخاذ القرارات بشأن صحتهم. ومع ذلك ، قد يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة تحديات فريدة عندما يتعلق الأمر بالحصول على الرعاية الطبية وطلب الاحتياجات الصحية الخاصة بهم.

 

انواع الاعاقات:

وتتنوع الاعاقات التى قد تصيب الانسان الا ان من اهمها مايلي:

  • ضعف الرؤية
  • الصم أو ضعف السمع
  • اختلال القدرات الذهنية
  • اعاقات الذكاء
  • الاعاقات بسبب إصابات المخ والجهاز العصبي
  • اضطراب طيف التوحد
  • الإعاقات الجسدية

 

 

العدد والنسبة:

يقدر عدد الاشخاص المصابين باي نوع من الاعاقة حوالي 1.3 مليار شخص مما يمثل 16٪ من كل العالم  أو 1 من كل 6 اشخاص(6). وفي الولايات المتحدة الامريكية قدر المركز الامريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن 61 مليون بالغ في الولايات المتحدة اي أكثر من 1 من كل 4  يعانون من الاعاقة (1).

هذا ولقد اوضحت الدراسات ان  80% من الأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون في البلدان النامية كما قدر البنك الدولي أن 20 % من أفقر الناس في العالم يعانون من نوع من الإعاقة ووفقًا لليونيسف يعاني  30% من شباب الشوارع من نوع ما من الإعاقة وان معدلات الإعاقة تكون أعلى بشكل ملحوظ بين المجموعات ذات التحصيل التعليمي المنخفض.

 

كما بينت نتائج البحوث بعض الحقائق التالية عن المعاقين:

  • نسبة حالات الإعاقة لدى النساء أعلى من الرجال
  • يموت بعض الأشخاص ذوي الإعاقة قبل 20 عامًا من عمرهم الافتراضي اذا ما قورنوا بالأشخاص الغير معاقين
  • تصل وفيات الأطفال ذوي الإعاقة إلى 80 % في البلدان التي انخفض فيها معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى أقل من 20 %
  • وفقا لليونيسكو إن 90 % من الأطفال ذوي الإعاقة في البلدان النامية لا يذهبون إلى المدرسة

 

 

المشاكل الصحية التي يواجهها ذوي العزم:

يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة العديد من المشاكل الصحية وهم اكثر عرضة للمشاكل المعيشية والاجتماعية التي تتراوح بين البسيطة الى الخطيرة, فهم اكثر عرضة من غيرهم بمقدار الضعف لخطر الإصابة بأمراض الاكتئاب وسوء صحة الفم والربو والسكري والسمنة والسكتة الدماغية وكذلك فهم أكثر عرضة لأن يكونوا ضحايا للعنف و الاغتصاب. (7) كما انهم يواجهون صعوبة في الوصول إلى وسائل النقل وبأسعار معقولة أكثر من غيرهم بمعدل 15 مرة اضافة الى تعرضهم للتمييز وعدم المساواة في الخدمات الصحية والشعور بوصمة العار والفقر والاستبعاد من التعليم والعمل. (6)

 

 

التشريعات حول الحقوق الصحية لذوي العزم:

وبالرغم من جميع تلك الحقائق فان الدراسات حول تشريعات الخاصة بالإعاقة توضح أن 45 دولة فقط لديها قوانين مناهضة للتمييز وقوانين أخرى خاصة بالإعاقة.

 

اقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اجتماعها العام بتاريخ 9/7/1975 إعلان حقوق المعوقين حيث ذكرت (للأشخاص ذوي الإعاقة الحق في العلاج الطبي والنفسي والوظيفي بما في ذلك الحصول على الأجهزة التعويضية والتقويمية وإعادة التأهيل الطبي والاجتماعي والتعليم والتدريب المهني والمساعدة والمشورة وخدمات التنسيب وغيرها من الخدمات التي تمكنهم من تطوير قدراتهم و مهاراتهم إلى أقصى حد و توصي بالتسريع في الاجراأت اللازمة لاندماجهم في المجتمع أو إعادة اندماجهم.)   (2)

كما اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اجتماعها بتاريخ 13/12/2006 من ضمن قراراتها العديدة القرار التالي:

ضرورة الوصول إلى الحالة المادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية والتعليميه والمعلوماتية التي تعمل على تمكين ذوي الإعاقة من التمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان مع توفير الحريات الأساسية لهم”          (3)

هذا ولقد كان الغرض من هذه الاتفاقية هو تعزيز وحماية وضمان تمتع جميع ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيز احترام كرامتهم الأصيلة والتي تقوم على الاحترام و الكرامة والاستقلالية الفردية بما في ذلك حرية المرء في اتخاذ خياراته واستقلاله الشخصى وعدم التمييز والمشاركة الكاملة والفَعًالة والاندماج في المجتمع واحترام الاختلاف وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والإنسانية. كذلك توفير بيئة لتكافؤ الفرص وإمكانية الوصول الي متطلبات الحياة اليومية والمساواة بين الرجل والمرأة واحترام القدرات المتطورة للأطفال ذوي الإعاقة واحترام حق الأطفال ذوي الإعاقة في الحفاظ على هويتهم.

وفي الولايات المتحدة الامريكية وبموجب قوانين الحقوق المدنية الفيدرالية الامريكي التي تنص على حماية حقوق الانسان فهنالك قانون خاص بذوي الإعاقة (ADA) American with Disabilities Act

وقانون لإعادة التأهيل وقانون لرعايتهم وبأسعار معقوله. وبالتالي يتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بالحق في جميع المرافق والخدمات الصحية التي توفر من مقدمي الخدمات الطبية كما تمتد هذه الحقوق لتشمل شركات التأمين الصحي والكيانات العامة والخاصة(4) هذا ويعمل برنامج قانون الصحة الوطني الامريكي على التطبيق الصارم للقوانين الفيدرالية المصممة لحظر التمييز لذوي الإعاقة. (5) 

 

وفيما يلي بعض الحقوق الصحية الهامة المفروض ان تطبق لذوي العزم:

  1. الحق في الموافقة على الاقرار الطبي: لهم الحق في أن يكونوا على دراية كاملة بحالتهم الطبية وخيارات العلاج وأن يتخذوا قراراتهم الخاصة بشأن الرعاية الصحية الخاصة بهم وهذا يشمل الحق في رفض العلاج الطبي أو طلب علاجات بديلة
  2. الحق في الحصول على الرعاية المناسبة والمتكاملة
  3. الحق في الحصول على التسهيلات لتوفير الخدمات الصحية: على مقدمي الرعاية الصحية توفير تسهيلات لضمان حصولهم على الرعاية الطبية على قدم المساواة (كمثل توفير مترجمي لغة الإشارة واخرى)
  4. الحق في المشاركة في صناعة القرار الصحي الخاص بهم
  5. الحق في المعلومات الصحية و الحق في الحصول على التثقيف الصحي
  6. الحق في سرية وخصوصية معلوماتهم الصحية والخاصة: للأشخاص ذوي الإعاقة نفس الحق في الخصوصية مثل أي شخص آخر
  7. الحق في عدم التمييز: لا يمكن لمقدمي الرعاية الصحية التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة على أساس إعاقتهم وهذا يشمل توفير نفس الجودة من الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة مثل الأشخاص غير المعوقين
  8. الحق في الحماية من الإساءة والاستغلال
  9. الحق في الوصول إلى جميع مرافق الرعاية الصحية: يجب أن تكون مرافق الرعاية الصحية مهيئه للوصول لها من قبل ذوي الإعاقة بما في ذلك الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة أو غيرها من الوسائل المساعدة على الحركة.
  10. الحق في الدفاع عن حقوقهم: للأشخاص ذوي الإعاقة الحق في الدفاع عن احتياجاتهم الخاصة بالرعاية الصحية قد يشمل ذلك مطالباتهم للعلاجات الضرورية أو تقديم شكاوي في حالة انتهاك حقوقهم
  11. الحق في الدعم والمساعدة: يجب أن يتم توفير الدعم والمساعدة اللازمين لذوي العزم، سواء على المستوى الصحي أو الاجتماعي أو النفسي، بما يساعدهم على تحسين جودة حياتهم.

 

هذاوتتيح الانظمة والقوانين في الولايات المتحدة الامريكية الاجابة عن جميع الاسئلة التى قد تطرح من قبل ذوي العزم ومنها مايلي:

  • السؤال: ماذا لو كنت أستخدم كرسيًا متحركًا أو مشاية أو عكاز ولا أستطيع الوصول إلى مكتب طبيبي؟
  • الاجابة : تتطلب المعايير تصميم المرافق الطبية اخذة في الاعتبار سهولة وصول المعوقين إليها ومنها مثلا عمل مسارات تمكن من الوصول إلي المرافق وتوفير المنحدرات والمصاعد وأبواب تفتح بسهولة ومفاتيح إضاءة يمكن الوصول إليها بسهولة وحمامات يسهل الوصول إليها ومواقف سيارات خاصة وقريبة وعلامات ارشادية للمكفوفوين أو ضعاف البصر.
  • السؤال:ماذا عن الوصول إلى غرف الفحص؟
  • الاجابة:توفير مسارات خاصة للوصول الى مختلف الخدمات الطبيه وتوفير اثاث طبي ليلبي احتياجات المعاقين
  • السؤال: اذا كان الشخص لدية اعاقة مؤدية الى ضعف في المهارات الحسية أو اليدوية أو امكانية التخاطب فكيف بالامكان التواصل معه؟
  • الاجابة: بموجب القوانين يجب على الكيانات المشمولة بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين توظفهم تقديم المساعدات والخدمات المساعدة المناسبة للأفراد ذوي الاعاقات المتعلقة بالمهارات الحسية أو اليدوية أو التحدثية وتوفير المترجمين في لغة الإشارة والمترجمون الشفويون
  • السؤال :أنا أصم فكيف يتم التواصل معي؟
  • الاجابة : بموجب القوانين يجب على الكيانات ذات العلاقة توفير اتصال فعال للمرضى وأفراد الأسرة والزوار من الصم أو ضعاف السمع باستخدام الادوات والخدمات المساعدة
  • السؤال: أنا كفيف أو ضعيف البصر فكيف يمكنني الحصول على المعلومات؟
  • الاجابة: يجب تقديم مساعدات وخدمات مساعدة لتوفير اتصال فعال للمرضى وأفراد الأسرة والزوار المكفوفين أو ضعاف البصر
  • السؤال: كيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات والوسائل الإلكترونية لتوفير البرامج الصحية ؟
  • الاجابة: يجب أن تكون برامج وانشطة الكيانات الصحية متاحة من خلال تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال الالكترونية للأشخاص ذوي الإعاقة وبالتالي إمكانية الوصول إلى أنظمة المواعيد عبر الإنترنت والوصول إلى الفواتير الإلكترونية وكشوفات الحساب والوصول إلى أدوات البحث عن طبيب ومعلومات اخرى
  • السؤال: ماذا لو كنت أعاني من إعاقات نفسية أو إعاقات أخرى؟ هل يمكنني طلب المساعدة والرعايه الصحية؟
  • الاجابه: نعم من الممكن وهنالك قرارت ضد التمييز ضد الأشخاص الذين يعانون من جميع أنواع الإعاقات

 

وفي مملكة البحرين سنت تشريعات خاصة بذوي العزم و يتم التنسيق مع الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص لتسهيل حصول ذوي الإعاقة على الخدمات المختلفة، مثل العلاوات الاجتماعية وخدمات المواصلات والنقل العام والمرافق العامة والرعاية الصحية والتعليم وبرامج إعادة التأهيل والتطوير الوظيفي إلى جانب الرياضة وغيرها.(8)

 

ختاما:

يجب ان تكون الحقوق الصحية المذكورة محمية بموجب القوانين والتشريعات المختلفة لكي تضمن حقوق المعاقين الصحية و تهدف إلى توفير الرعاية الصحية الشاملة وتحسين الحاله الصحية لهم وان تطبق تلك التشريعات في جميع اجهزة الدوله و أن تكون هذه الحقوق محفوظة دون أي تمييز أو إقصاء أو تحديات كما يجب أن تتمكن الحكومات والمؤسسات الصحية والمجتمعات من توفير الحقوق الصحية الأساسية لذوي العزم و العمل على تحقيق هذه الحقوق بشكل فعال هادفة الى تحقيق المساواة في الوصول إلى الرعاية الصحية للحفاظ على صحة ورفاهية هؤلاء الأفراد, بشكل عام تتطلب ضمان حقوق المعاقين الصحية جهودًا مشتركة من قبل الحكومات والمجتمعات والمنظمات الدولية والمؤسسات الخاصة، حتى يتم توفير الرعاية الصحية الكاملة والملائمة للمعاقين وتحقيق التكافل الصحي والعدالة الصحية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى