مقالات

تحية للبحارة رمز الشجاعة والجسارة

‏بقلم دكتور مهندس – عبد الرزاق المدني:

بمناسبة اليوم العالمي للبحارة يسرني أن أتقدم بالشكر والتقدير لكل من يعمل على السفن لإيصال كل مستلزماتنا من جميع أنحاء العالم وكذلك صادراتنا إلى العالم ويتكبد المشقة بالإبحار على السفن التي تخدم ٩٠٪من التجارة العالمية
وينطبق عليه المثل القديم (داخله مفقود والخارج منه مولود) وذلك يرجعني لذكريات أكثر من ٤٦ سنه عندما كنت أعمل على السفن كمهندس بحري في السبعينات الميلادية حيث كنت أعمل على سفن متنوعة وكنا نواجه الأمواج التي يصل إرتفاعها إلى عدة أمتار والصعوبات ودرجات الحراره التي تصل إلى ٥٥ درجه مئوية وفي تلك الأيام كانت السفن لم تصل إلى ما هي عليه الآن من تطور وتقنية عاليه ووجود الرفاهيه للطاقم وكذلك كل من يمتطيها ما أن أوقات الإبحار أختصرت كثيراً بوجود محركات حديثه ذات سرعات عاليه
‏ وأذكر من تلك القصص التي مرت علي أنني كنت أعمل على الباخرة (مصر) للركاب وكانت تعمل بالتربينات البخاريه وكانت تبحر بين جده والسويس آن ذاك حيث كانت درجة الحرارة تتعدى ٥٥ درجه مئوية ولا يوجد تكييف على السفينة وتستغرق الرحلة عدة أيام وكنا نتحمل ذلك والحمد لله ‏
‏موقف آخر كنا في رحلة على أحدى ناقلات البترول (العجمي) إلى فيلادلفيا بأمريكا حيث كانت رحلة الذهاب تستغرق أسبوعين تقريباً وبعد عدة أيام من الإبحار وفي منتصف المحيط الإطلنطي كان البحر هائجاً وتوقفت المحركات جميعها وساد الظلام والموج يلعب بالسفينة يمنة ويسرى حيث وصل ميلانها إلى أقصاه وكنا بين السماء والماء وكنا نعمل لعدة ساعات طويلة ومتواصله لإصلاح أحد مولدات الكهرباء لأن المولد الإحتياطي لم يعمل ليمكن لنا إضاءة الناقلة ولإصلاح الماكينة الرئيسيه لنتمكن من مواصلة رحلتنا وكانت الأمواج تأخذ الناقلة إلى حيث لا نعلم وبعد جهد كبير من جميع أفراد الطاقم والحمد لله تجاوزنا الموقف وواصلنا الرحلة إلى أن وصلنا وجهتنا …
كل ذلك يحصل للبحارة ولكنهم صامدون وينسون ما يحصل لهم ويعودوا ثانية للعمل بإخلاص وتفاني
‏موقف آخر مر بي عندما كنت أعمل على أحد سفن البضائع الصغيرة وكان يجب علينا قطع مقبرة السفن(خليج البسكي) الذي يقع بين أوروبا الشمالية وبريطانيا والمشهور بإبتلاع السفن حيث كنا في رحلة إلى ألمانيا في فصل الشتاء و هاج البحر وماج وكانت سفينتنا صغيرة فعانينا المرّين وكان الموج يأخذنا علواً ونزولا ويحذف السفينة شمالاً ويميناً ولكن بالصبر والدعاء تجاوزنا الموقف والحمد لله…
هؤلاء هم البحاره الذين يعملون ويغامرون لتصل لنا إحتياجاتنا
فلهم مني كل تقدير وإحترام وندعو الله لهم السلامة وأن يحفظهم في حلهم وترحالهم
والله يقويهم
فحيووا معي نضال البحارة في يومهم العالمي ويستحقون أكثر من يوم بل أعوام لما يبذلونه من أجلنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى