مقالات وآراء

هل يصبح العمـل “عن بعد” خيارا أساسيا بعد إنتهاء أزمة كورونا؟؟

بقلم : فاطمة العثمان

أدى التطورالتكنولوجي مع بداية الثورة الصناعيه الرابعه إلى ظهورمفهوم العمل عن بعد وهو نظام عمل يؤدي فيه الموظف الأعمال الموكلة له من قبل جهة عمله بعيدا عن مقر العمل الرسمي حيث يتسم بالمرونه المكانيه ويعتمد بشكل أساسي على تكنولوجيا الإتصال والمعلومات.
وفي السنوات الأخيره اتجهت اغلب البلدان المتقدمه إلى البدء بتطبيق هذا المفهوم حيث يوجد 5% من القوى العامله في المملكه المتحده يعملون من المنزل وأكثر من 20% من القوى العامله في الولايات المتحدة الأمريكيه وفي المقابل يتوقع المحللون أنه من الممكن تحويل 50% من الوظائف الحاليه إلى العمل عن بعد .
كما انتشرفي الآونه الأخيره استخدام تقنيات كثيره مثل الواقع المعزز و”الفيديوكونفرس” في إدارة الإجتماعات عن بعد و حضورالمؤتمرات والتدريب والتوظيف.
ويتيح العمل عن بعد مزايا كثيره للعاملين كتوفيرالمال والوقت والجهد فلا يحتاج الموظف تخصيص ميزانيه للمواصلات والملابس والوجبات الغذائيه بالإضافه إلى المرونه في ساعات العمل فقد يعمل الموظف لساعات طويله دون الحاجه إلى ترك منزله والبعد عن عائلته مما قد يؤثرسلباعلى استقراره النفسي والأسري.
أما على مستوى الدوله, فقد يخلق فرصا وظيفيه لإعداد كبيرة من الباحثين عن العمل ويقلل من نسبة البطاله وخصوصا بين النساء ولن يعود الموقع الجغرافي شرطا للتوظيف وهذا سيدعم التنميه المناطقيه وعلى صعيد آخر سيكون له تأثيربيئي وصحي مثل خفض نسبة التلوث من جراء عوادم السيارات وتقليل نسبة الحوادث المروريه.
تماشيا مع الإجراءات الإحترازيه لإزمة كورونا وتعليق الحضور لمقرات العمل في جميع الجهات الحكوميه والقطاع الخاص في المملكه ,يظهرالعمل عن بعد كخيارا بديلا عن المكتب التقليدي. حيث بادرت اغلب المؤسسات الحكوميه والخاصه الى توفير الأدوات اللازمه لقيام اغلب العاملين بوظائفهم عن بعد. ومما ساهم في سرعة تطبيق القرار وجود “بنيه تحتيه تقنيه” متقدمه حيث تبوأت المملكه المرتبه العاشرة دوليا في جودة وسرعة الإنترنت وكذلك وجود قوانين وانظمه سهلت في سرعة تطبيق هذا الإجراء.
وقد أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برنامج العمل “عن بعد” وهو أحد المبادرات الوطنية المهمة بهدف تجسير الفجوة بين أصحاب الأعمال والباحثين عنها، والذين تحول عدة عوائق بينهم وبين حصولهم على فرص العمل المناسب وكما اصدرت أيضا وزارة التجاره دليل إرشادي للموظفين والمدراء عن العمل عن بعد.
ولكن كغيره من الأنظمه الجديده ,يواجه العمل عن بعد بعض التحديات التي يجب العمل على مواجهتها وايجاد حلول مناسبه لحفظ حقوق العاملين وارباب العمل مثل التأمين الطبي للعامل والحقوق الماليه والأمان الوظيفي وتقييم الآداء واخلاقيات العمل.
والسؤال الذي يجب أن نطرحه الآن هل سيكون العمل عن بعد خيارا متوفرا في جميع القطاعات العامه والخاصه ؟ ولنجاح هذه التجربه مستقبلا, يجب الاستفادة من تجارب الدول الآخرى الذين سبقونا في تطبيق مفهوم العمل عن بعد مثل الصين والهند وماليزيا وأن نعمل على بناء ثقافة عمل جديدة لدى جميع القطاعات والمؤسسات والأفراد والأهم دعم صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإعادة صياغة قوانين وتشريعات أنظمة العمل .
وهنا يحضرني مقولة ونستون تشرشيل رئيس وزراء بريطانيا ” الصعوبات التي تتمكن منها، فرص محققة ” لذلك يجب أن نحول هذه الأزمه إلى منحة،والمنحة إلى فرصة, فأزمة كورونا أجبرت الكثير من القطاعات إلى التحول إلى االعمل عن بعد وهذه فرصه لن تتكرر ويجب الإستفاده منها والعمل على تطويرها.
فاطمة العثمان .. محلل استراتيجي للسياسات العامة،،،
@Fatima1Alothman

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى