إجتماعيهعاممقالات وآراء

شمس يوم ما بعد الكورونا

بقلم :هيفاء الدعلان

في ستينات القرن الماضي قال عالم الاجتماع الكندي الشهير “مارشال ماكلوهان” إن العالم بات قرية صغيرة، واليوم يمكننا القطع بأنه أضحى حارة أصغر من القرية، حارة في العالم الافتراضي ….
رغم أجواء الخوف والقلق التي باتت تخيم على العالم في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد وما سببه من تداعيات على كل نواحي الحياة ،أطلت العديد من العلامات التي مثلت بارقة أمل ،وكشفت عن كثير من الخير والتراحم الذي مازال يملأ القلوب…..إذ إنطلقت في الأيام الماضية مبادرات إنسانية وخيرية وإجتماعية من أفراد لمسوا خطورة الموقف الذي تمر بها أوطانهم وأن هذا الوقت المناسب للعطاء والتحرك بإيجابية .
عام 2020 سيكون هو الأنقى من حيث تلوث الهواء والبحار والمحيطات والأنهار منذ عشرات السنين بسبب تفشي الكورونا وفرض الحجر الصحي على مواطنيها وتقليل الحركة الصناعية والإنتاجية .
تسببت الجائحة في أزمة إقتصادية عالمية و أيضاً وفرت الكثير من الإنفاقات المالية غير الضرورية والبحث عن بدائل غير مكلفة وتوفر الوقت ، كما أن الأزمة أعطت إهتماما أكبر في المجال الصحي والطبي والإنفاق عليه وأكدت الأزمة الصحية على أهمية البحث العلمي والإنفاق عليه.
انخفض تلوث الهواء، وبدأت ملامح الشوارع والآثارالموجودة في الميادين المزدحمة بالظهور رويداً رويداً مع تباطؤا الحركة ثم خلو هذه الأماكن من المارة تماما،
انخفض الطلب على الأكل السريع،حيث أظهرت كثير من التحليلات إنخفاض حاد في الإنفاق على المطاعم .
كما أن حكومات العالم وشركات القطاع الخاص تبنت معطيات التكنولوجيا للعمل عن بعد ، والتعليم عن بعد، وتقديم خدماتها للناس عن بعد ….
ضُربت البيروقراطية في مقتل ،فالقرارات التي تحتاج لأشهر لكي تتخذ صارت تتم بطرفة عين ،
التحول للدفع عبر الأنترنت والتقليل من إستخدام العملات الورقية وربما إنتهاء عهدها لصالح العملات المشفرة ،
كل هذه تحولات إيجابية ليوم مابعد الكورونا
ويذكر المفكر الراحل كلايتون كريستين في كتابه (معضلة الإزدهار) أن المجالات التي كانت تعمل بها شركات عملاقة نعرفها اليوم كانت غربية وطريفة قبل أن تتحول فجأة للإبداع بسبب إنتهاء الحروب وظهور الحاجة للتنمية والنهوض السريع….
وأخيراً على المستوى الإجتماعي ..عادت الأسرة لأيام تفتقدها حيث يجتمعون لمشاهدة التلفزيون وتجاذب أطراف الحديث.
لم يختلف الوضع في سعودية الخير عن التغيرات العالمية التي فرضتها جائحة الكورونا ؛وهاهو وزير التعليم السعودي يعلن رسميا بالأمس أن التعليم عن بعد سيكون خيارا إستراتيجيا للمستقبل وليس مجرد بديل في الأزمات .
ستفرض هذه الجائحة تغيرات وبدائل سريعة لربما احتجنا سنوات حتي نقتنع بها ونتعامل معها ..
يقول ابن خلدون قد لايتم وجود الخير الكثير إلا بوجود شر يسير ..وهاهي جائحة الكورونا تقدم الخير الكثير والشر اليسير بإذن الله …
لن يكون العالم ما بعد كورونا كما كان قبلها ومن تخيل أن يعود العالم لأساليبه القديمة وبيروقراطيته سيكون واهماً لأن التجارب التي التي مرت عبر العصور أثبتت أن بذور الأفكار الجديده إذا تمت تجربتها لاتموت ….
شمس عالم ما بعد كورونا ستشرق على أفق جديد متعدد الأقطاب حكما سيولد من رحم كورونا، وبمشاهد ومعالم لا تزال تتخلق في جوف الأزمة وغياهب الجب. ‏
فبعد ظلمة الليل لابد أن تشرق الشمس وبعد الخريف لابد أن يحل الربيع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى