مقالات

الضابط الخامس : الصلاة مجلبة للفرج

 

بقلم – د/ سامح أبو طالب:

 

قال الله – تعالى-  ” واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ”

( البقرة : 48 ) قال البيضاوي – رحمه الله تعالى – :  والمعنى استعينوا على حوائجكم بانتظار النجاح والفرج توكلا على الله ، أو بالصوم الذي هو صبر عن المفطرات ؛ لما فيه من كسر الشهوة وتصفية النفس والتوسل بالصلاة والالتجاء إليها ، فإنها جامعة لأنواع العبادات النفسية والبدنية ، من الطهارة وستر العورة ، وصرف المال ، والتوجه إلى الكعبة ، والعكوف للعبادة ، وإظهار الخشوع بالجوارح ، وإخلاص النية بالقلب ، ومجاهدة الشيطان ، ومناجاة الحق وقراءة القرآن ، والتكلم بالشهادتين ، وكف النفس عن الأطيبين ، حتى تجابوا إلى تحصيل المآرب وجبر المصائب ” ([1]) ، وإذا كان الوباء والفساد يظهر في الأرض بما كسبت أيدي الناس ، فإن الصلوات الخمس من الأساب الكبرى لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات ، قال تعالى ” إن الحسنات يذهبن السيئات ” ( هود : 114 ) فقد ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم – أجمعين إلى أن الحسنات ها هنا هي الصلوات الخمس .([2])

وهل يشرع الدعاء برفعه ؟ أما الدعاء برفعه والخروج إلى الصحراء فبدعة ، قيل : بل لو قيل بتحريمه لكان ظاهرا ؛ لأنه إحداث كيفية يظن الجهال أنها سنة . وأما القنوت له في الصلاة  فليس بمشروع عند غير الشافعية ، واختلف الشافعية ، فبعضهم أفتى به ، وبعضهم أفتى بامتناعه ، والأوجه الأول ، وكرهه بعض الحنابلة ، ومال إليه بعض متأخري الشافعية ، قال الشيخان : يشرع القنوت في سائر الصلوات لنازلة ، كالوباء فقولهما كالوباء يشمل الطاعون ، إما بقياس المساواة وإما لكونه يطلق عليه مجازا كما مر ، ولا يمنع من ذلك كونه شهادة ورحمة ؛ لأنه وإن كان كذلك إلا إنه ينشأ عنه موت العلماء وأكابر أهل الإسلام ، فيحصل للإسلام بذلك ضعف ووهن ، فطلب رفعه لأجل ذلك .([3])

الضابط السادس: ما كان على وجه الإباحة أو التبرع يستوى فيه الغني والفقير

جعل الله عز وجل في المال حق معلوم ، وأمر الناس بإخراج الزكاة من أموالهم ، وجعل أصنافا محددة هي التي تستحق هذا المال ، ذكرها في قوله تعالى : ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ” ( التوبة : 60) فمن دفع زكاته لصنف من غير هذه الأوصاف فهي صدقة ، ولازالت الزكاة في رقبته ، وكذلك لا يجوز لأحد أن يأخذ الزكاة وليس واحدا من هذه الأصناف . وهناك حق آخر في المال ، وهو التبرعات والصدقات ، خاصة في وقت النكبات والأوبئة ، فيجوز للغني أن يأخذ من هذا المال ، كالفقير، جاء في كتاب السير الكبير([4]) ” وما كان على وجه الإباحة يستوي فيه الغني والفقير ، دليله السقاية الموقوفة ، فإنه يجوز للغني أن يشرب من مائها ، كما يجوز للفقير” . والواقع يؤيد ذلك ، فكم من مستور الحال – في أعين الناس- لا يسأل الناس إلحافا ، وكم من موظف منعت عنه المساعدات بدعوى أنه موظف ، والله يعلم أنه في أمس الحاجة لهذه الصدقة ، فالناس في وقت الوباء متشابهون ، فرحم الله عبدا ستر مسلما وسد حاجته .

 

[1] )) انظر: تفسير البيضاوي ، البيضاوي ، ط: دار الفكر – بيروت –( 316/317)

[2]) ) الجامع لأحكام القرآن ،أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ، ط : دار الشعب – القاهرة – ( 9/110)

([3] ) انظر: الفتاوى الكبرى الفقهية ، ابن حجر الهيتمي ، ط : دار الفكر ،( 4/27/28)

 

[4] ) انظر : شرح كتاب السير الكبير ، محمد بن الحسن الشيباني ، ط : معهد المخطوطات – القاهرة –(5/2097)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى