ثقافة

الفن لغة عالمية 

بقلم – عبد العظيم الضامن:

مع سيادة الصورة وثقافة العين ، أضحى الفن التشكيلي العربي مطالبا بأن يكون له دوراً بارزاً في تناول القضايا التي تخص الإنسان بكل جوانبه الإنسانية ، وأن لا يقتصر دوره على الإمتاع البصري كما هو ملاحظ في الأغلب الأعم ، وإنما أن يكون له دور فعال في نقد الواقع بطريقة جمالية ، ومخاطبة المجتمع بجميع فئاته .
فهل حدد الفنان التشكيلي العربي موقفه من هذا الواقع ، ومن هذه الجائحة ؟
وهل يدين من خلال إبداعه ما تطالعنا به الفضائيات من مآس ؟ أم أن اللامبالاة والتحجر البؤبؤي المزمن جعلنا لا نشعر بأهمية القضايا الإنسانية ؟
وهل يسهم الفن في اقتراح بدائل لعالم يسوده العدل والمساواة والتسامح والحب والسلام ؟؟
وتصبح الأعمال التشكيلية بالنتيجة وثيقة تضامن ليكون الفنان له دور وأهمية في كل الأزمات وتقديم حلول من خلال الفن .
ونحن في المملكة العربية السعودية يتراوح الفن التشكيلي بين الرؤية الجمالية والتراثية والإنسانية ، ومن خلال ملتقى المحبة والسلام ، الذي أساسه الفن لغة السلام ، قمنا بعدة مبادرات إنسانية من خلال الفن ، وقد يكون أهمها لوحة المحبة والسلام للتواصل مع شعوب العالم ، فهي مشروع لنشر ثقافة المحبة والتسامح بين شعوب العالم ، وكان لنا الشرف بعمل عدة لوحات بهدف المساهمة في نشر الوعي للمجتمع ، واليوم ونحن نعيش هذه الجائحة كان لابد منا أن نكون خير عوناً لوطننا وللعالم ، فبدأنا منذ أول أيام الحجر الصحي بتحويل المرسم لعمل متواصل ، ننشر من خلاله رسائل اطمئنان لمجتمعنا و وطننا الغالي ، وعزمنا على مزاولة الرسم بشكل يومي ، وبعد اسبوع من الحجر الصحي ، أدركت أهمية الوقت والتفرغ الفني للفنان ، فأصبح المرسم يضمني مع أبنائي نرسم الفرح كل يوم .
وما أن مضى اسبوع وقد تمخضت فكرة المعرض الشخصي بعد انقضاء الجائحة ونحن بخير بإذن الله ، ويكون نتاج هذه الفترة أعملاً مخلدة للزمن وللأجيال القادمة .

في الغرب هناك فنانون تشكيليون حققوا خلودهم وخلود أعمالهم لما لم يقتصر إبداعهم التشكيلي على تحقيق المتعة البصرية للمتلقي ، وإنما شاركوا بفنهم في انتقاد الواقع وإدانته ، ولوحة الجورنيكا للفنان الأسباني بابلو بيكاسو ولوحة الصرخة للفنان مونج خير مثال ، اللتين حققتا خلودهما وفرادتهما للتعبير عن مأساة الإنسان وعن بشاعة الحرب وآلتها المدمرة واقتراح عالم أفضل يسوده السلم والسلام والمحبة والتسامح .

ولكن الحقيقة التي أثبتها كثير من الفنانين على مر الزمن هي أن الفن ضرورة من ضرورات الحياة ، وأن فلسفة الفن للفن هي فلسفة ليست واقعية ، ويتضح لنا أن الفنان الحقيقي يتأثر كثيرا بما يدور حوله من ظروف اجتماعية وسياسية ، ويكون ذلك هو مصدر لفنه وإبداعه .

وما فعله بيكاسو أنه أذاب في لوحته بشاعة الحرب ليدينها ويذكر بقسوة الدمار الذي خلفته ، وبقتلها الأبرياء ، وحمل لوحته العديد من الرموز التي تحتمل العديد من القراءات والتفسيرات حسب تعدد المتلقين ، لكن فكرتها الرئيسية تتمحور حول ما تخلفه الحرب من مآس وفي نفس الوقت حث على السلم والسلام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى