إجتماعيهمقالات وآراء

النار من مُستَصْغرِ الشَرِرِ

 

محمد البكر

 

في ظل ما تبثه وسائل الإعلام والتواصل من تحذيرات عن خطورة التجمعات بين الأصدقاء أو العائلات . لم أتصور أن هناك من لا يزال يتجاهل تلك التحذيرات باستهتار ولا مبالاة . فبعض القصص التي سمعتها في الأيام الماضية وفي المحيط الضيق الذي أعيش فيه ، جعلتني أضع يدي على رأسي متعجبا من النتائج التي آلت إليها بعض تلك القصص . وهي نتائج – للأسف الشديد – انتهت بالموت جراء انتقال هذا الفيروس .

 

قصتان حدثتا خلال الأيام القليلة الماضية … القصة الأولى بدأت بزيارة شخص قبل المنع من إحدى المناطق للشرقية ، واحتفاءً به ، أصر صديقه على إقامة وليمة عشاء ، دُعى لها عدد أصدقائهما ، فلبى عدد منهم الدعوة ، وأعتذر أحدهم ، لكنه اضطر للحضور بعد إلحاح الجميع عليه . انتهت الدعوة وعاد كل إلى منزله ، وما هي إلا أيام حتى اكتشفوا أن الضيف قد نقل عدوى كورونا لهم ؛ كونه لا يعلم أصلا بإصابته . الآن سبعة منهم تحت الرعاية الطبية والثامن في العناية المركزة بينما توفي تاسعهم .

 

القصة الثانية جمعت عددا من الجيران في الحي الراقي الذي يقطنون فيه . حيث التقوا في ديوانية أحدهم ، وقد كانوا على ثقة بأن لا أحد منهم مصاب بالكورونا ، وليس من بينهم من ظهرت عليه أعراض الإصابة . استمتعوا بذلك اللقاء ثم عادوا إلى بيوتهم . وتكرر مشهد القصة الأولى ، فبعد أيام ظهرت أعراض المرض على أحدهم فانخرطت المسبحة وتم استدعاء الجميع حيث ظهرت نتائج بعضهم إيجابية ، ثم توالت الأنباء السيئة حين أعلن عن وفاة أحدهم وهو رجل فاضل له مكانته المجتمعية والأسرية . أما البقية فهم الآن في العزل ندعو الله لهم بالشفاء العاجل والرحمة على المتوفيين الإثنين . في القصة الثانية ، كانت زوجة أحد المدعوين حاملة للمرض دون علمها ، فنقلته لزوجها قبل ذهابه لتلك الديوانية حيث نقله لباقي الأصدقاء .

 

هل أدركتم الآن ثمن الخطأين البسيطين في القصتين ؟! ضحيتان توفيتا نتيجة استهتار وسوء تقدير على الرغم من أن جميع أفراد القصتين هم من المثقفين ورجال الأعمال . لو سمحتم … أوقفوا استهتاركم ، فخطأ بسيط قد يفقدكم أحبابكم ، ويضر بأصدقائكم ، ويعرض سلامة مجتمعكم لخطر كبير .

 

رحم الله من توفى ونسأل الله أن “يمن” بالشفاء لمن لا يزال يعاني … وتذكروا أن النار من مُستَصْغرِ الشَرِرِ ، ولكم تحياتي.

ــــــــــــــــــــــــ

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى