عام

معرض “من الداخل” كشف لهوية الإنسان ودعوة لتقبل الآخر

الرياض – سويفت نيوز:

قدّم معرض “من الداخل” الفني، الذي نظمته وزارة القافة في المنطقة الصناعية بمحافظة الدرعية واستضاف أعمال أكثر من25 فناناً سعودياً وعالمياً، أعمال مجموعة من الفنانين المشاركين والتي تحدت مفهوم المرونة في بناء المساحات المعمارية، وأطلقت نداءات إبداعية لتفهم وتقبل بعضنا البعض خلال رحلتنا في الكشف عن المزيد من الأسئلة الوجودية، وظهرت مجموعة من المرايا لتحاكي تجارب الحياة المكشوفة والمخفية وزجاج يعكس هوية الإنسان. في معرض وُجد خصيصا للتعبير عن علاقة الإنسان بالعمران وأنماط السلوك الإنساني التي انعكست في العمارة والتصميم،

ففي إحدى زوايا المعرض قدمت الفنانة “رنا العقيل” عملا تركيبيا يتألف من أربعة فواصل مطبوعة على قماش شفاف حمل عنوان “الفواصل الرقيقة (2019)”. فغالبًا ما توجد الفواصل القماشية الحديثة في غرف تغيير الملابس وعيادات الأطباء؛ وتعبر الطبيعة الرقيقة لهذه الحواجز ونفوذيتها عن وهم المساحة الخاصة. في حين تعتبر حواجز الخيمة البدوية التقليدية المصنوعة من النسيج مثالاً على الهندسة المعمارية للمنسوجات. وعلى الرغم من أن نسيج تلك الفواصل لا يشكّل حواجز كاملة، إلا أنه يخلق نوعا من الخصوصية. وتعد هذه القطعة الفنية بمثابة إعادة تفسير لحواجز الخيمة البدوية “المصنوعة من السدو”، وتتحدى مفهوم المرونة في بناء المساحات المعمارية. وتدمج الفنانة “رنا العقيل” بين الحيز المرئي وغير المرئي، وتمزج بين المكونات المرنة والصلبة. وتمثل “الفواصل الرقيقة” وهم الفصل المبني على أساس غير مادي: أي على أساس الثقافة والإيمان والاحترام. حيث تتحقق الخصوصية عن طريق احترام المساحة المادية، وليس عن طريق خلق الحواجز الصلبة.

كما قدم الفنان “مهند شونو” عملا فنيا بعنوان “البحث عن الاتصال 2019″، وهو عمل فني تركيبي لمئات من الأسلاك السوداء، المعلقة بقرص معدني مزوّد بمحرك آلي. تدور هذه الأسلاك بشكل يبعث الحياة في العمل التركيبي حيث تغيب الذات الفيزيائية والبيولوجية عن الأداء، وبدلاً من ذلك يركز الفنان انتباهنا على الاتصالات المفقودة المعلقة. يتخيل الفنان وجود إشارة وحيدة تتشاركها جميع أشكال الحياة، وقوة موحِّدة ونابضة تمنح ذاتنا البيولوجية والفردية “الحياة” كما نفهمها. هذه الحالة من الارتباط والاتصال الروحي، والعزلة المادية تؤدي إلى شعور قوي بالذات، وانفصال تام عن الآخر. ويأتي هذا العمل الفني بمثابة توسل ونداء إلى فهم وتقبل بعضنا البعض خلال رحلتنا في الكشف عن المزيد من الأسئلة الوجودية.

أما الفنانة “سامربن سلطان” فقدمت عملا بعنوان “ما لا تراه هو أيضًا هناك (2019)”، عبارة عن عمل فني تركيبي يتكون من عدة أبواب ومرايا وملصقات يكمّل كل منهما الآخر لإنشاء حوار يثير الفضول. تحتل فيه المكونات الفردية دوراً ثانوياً بالنسبة للقطعة بأكملها لمحاكاة تجارب الحياة المكشوفة والمخفية. وتوفر لنا الأبواب خصوصية ولكن أيضًا بمنظور يتجه من المساحة الداخلية إلى العالم الخارجي. كما يعكس العمل التحول الذي مرت به المجتمعات بمرور الوقت؛ حيث ارتكزت مفاهيم الخصوصية على كشف المزيد وإخفاء الأقل.

بينما قدم الفنان “محمد الشمري” عملا فنياً بعنوان “خلف الجدار (2019)”، وهو عبارة عن مجموعة من قطع الزجاج المزخرفة بالزخارف الإسلامية، والتي تمنح المتلقي شفافية عالية ليرى ذاته وموروثه الفلكلوري الذي توارثه على مر السنين، فيدخل المتلقي وهذا العمل في حالة من الارتباط الخاص؛ ليجد ثقافته تتجلى أمامه على الزجاج، ويشعر بانعكاس هويته عليها.

وفي ركن من المعرض تشارك كل من الفنانة “مشاعل تركي” و”سارة خالد” و”سارة سلطان” و”تمارا حمد” في تقديم عمل فني أطلق عليه اسم “مخيّم (2019)”، وهو عبارة عن خيمة مشدودة مصنوعة من شبكة من الحلقات المعمارية. استوحي شكلها من مختلف أنواع “المخيمات” الموجودة في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ مثل مخيمات البدو ومخيمات اللاجئين ومخيمات الحج في مِنى. وتسمح المادة المستخدمة في صناعة هذه العمل بأن تختفي الخيمة وتعاود الظهور اعتمادًا على الضوء. وتوضح هذه الظاهرة فكرة أن التغيير هو الشيء الوحيد المتسق في كلٍ من العمارة والجنس البشري. وتعدّ الخيمة واحدة من أقل النماذج المسيّجة، ومع ذلك ظلت بنية الخيمة تتطور دائمًا في داخل حدودها. وتمثل الخيمة الصيغة الأولى للمدن الخرسانية المعاصرة. ويحلل هذا العمل الفني التركيبي العناصر المعمارية الأساسية للمخيم بالحجم الحقيقي وإمكانياته في خدمة الاحتياجات والرغبات البشرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى